بقلم: خديجه بصفر
هي دموع تهاطلت..وتتالت على وجنات أحرقتها الحياة..وانسابت بكل كبرياء امرأة تكالبت الظروف عليها بيد أنها صمدت امام اعاصير المشكلات، وخرجت منها اكثر قوة وحكمه ونضج وتمسك بالحق والعدل.
اسطر هاهنا قصة أنثى عاشت طفولة جميلة وسعيدة، كانت محطّ رعاية الجميع، وأترعت بالدلال والرعاية، وكانت البيئة الأسرية، بيئة محافظة، لذلك تأدبت وتعلمت مخافة الله والصدق والأمانة والعدل، بموازاة أنها حظيت بكل الرعاية والحب والاهتمام بين أفراد عائلتها..
هذه الأنثى التي كانت تضج بالصبا والجمال والعاطفة الجياشة والآمال والأحلام، كانت تنتظر فارسها المجهول الذي سيأتي على حصان أبيض، يطير بها في عوالم السعادة..
توالى العرسان لخطبتها ولكن لم يكن النصيب بعد، إلى أن جاء فارس على حصان رمادي، وبالرغم من إعراضها إلا أن الفارس كان ذا هيئة دينية جعلها تقبل به، وهو ما جعل أهلها يتوسمون فيه الخير، إضافة إلى كثرة إلحاحه الشديد وتردده على البيت من أجل قبوله، حتى وافقت..ولم تعلم انه كان بابها لبداية الشقاء.
تم الزفاف في أجواء عائلية حميمة، ولبست الفستان الأبيض التي تحلم بها أية فتاة في عمرها الغضّ، ومضت لحياتها الجديدة وهي تتوقع معه السعادة والهناء، وتحقيق تلك الأحلام التي كانت تتدثر بها، وتتوسدها قبل أن تنام..
وبدلا من ذلك كله، إذا بها تلتقي والشقاء والحزن وجها لوجه..وتعيش ليال من التعاسة جعلها تبكي على ذلك اليوم الذي وافقت على الزواج..وتنتهي قصتها بكل المرارة والألم، ، وتخلف أنثى مكسورة ومحطمة وأطفالا صغارا..عانوا معها مرارة وقهر الفراق، في سن مبكرة وقد حرموا حنان أمهم الذي لن يعوضه شيء في الحياة..
وتمضي السنون ثقيلة ،واذا به يظهر في سمائها شخص اخر قاتم اللون على حصان اسود عجوز وقبيح ، تشمئز نفسها منه، وتكتم شعورها حتى لا تكسر بخاطره ، غير انه هذا الشخص الثاني يمتلك لسانا مليئا بالوعود، فإذا به يرسم لها الطريق مفروشا بالورود ، ويعدها بتعويضها عن سنوات الحرمان بكل السعادة والفرح الذي فقدته، بذل لها وأعطها الوعود الكثيرة، وعود اكتشفت لاحقا أنه لايقدر على تنفيذها، ولكن النفس الدنيئة كانت مشجعه له، وقد استغل ضعفها في هذه االفتره، وقال بأنه سيلبي لها كل ماحرمها منه الأول .
أعمتها تلك الوعود عن رؤية الحقيقة المرة، بالرغم من أن جميع من حولها رأوها ولكنها أصرت، وقد خدعت بمعسول الكلام. وهذه المرة، كانت المصيبة اكبر وأجلّ، لأنه لا يستحق حتى كلمة رجل، من خساسته ودنائته،وخلوه من الأخلاق والدين والتربية والعقل والرحمة..
أصبحت الحياة بالنسبة لها كابوس تتمنى الاستيقاظ منه، وأخذت تدعو الله أن يفك الغمة عنها، وان يغفر لها لو كان هذا الزواج عقاب منه تعالى، واستجمعت عزيمتها وقوتها وخوفها من كلام الناس وخرجت من بيتها هاربة إلى بيت أبيها الحبيب رحمه الله .
وطاردها من كان يسمى زوجها، بلسانه الطلق في الوعود والأكاذيب واستمر في اعطاء الوعودعلها ترجع، غير أنها هذه المرة تعلمت الدرس جيدا، فتسلحت بالإيمان والثقة، وأغلقت في وجهه كل المنافذ، واستكانت في بيت أبيها سعيده مطمئنة البال .
تلبسها فرح عظيم، وسعاده لا حدود لها، لأنها استطاعت ولأول مرة أن تضع حد لهذه المهزلة، وان تنقذ شبابها وحياتها من براثن هذا الوحش. إلا أن لوعة كانت بداخلها، وتهاطلت الدموع الساخنة على ذروة شبابها ،وعلى قسوة هذه الحياه التي أبعدتها عن أبنائها الذين هم قرة عينها ، وحرمتها من الطموح الوحيد في حياتها ، والأمنية التي عاشت في داخلها وحددتها وهي مازالت على مقاعد الدراسة، عندما وزعوا عليهن الاستبيانات لتكتب كل واحده طموحها، وكانت الثلاث اختيارات ربة منزل وأم ربة منزل وأم ربة منزل وأم..
الأربعاء 17 يونيو 2015, 21:59 من طرف ragyattelgna
