أعلن الرئيس حسني مبارك أنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. مؤكدا أنه سيعمل خلال الأشهر المتبقية من ولايته الحالية علي اتخاذ التدابير والاجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة بموجب ما يخوله له الدستور من صلاحيات
ودعا الرئيس مبارك- في كلمة ألقاها مساء أمس البرلمان الحالي بمجلسيه الشعب والشوري إلي مناقشة تعديل المادتين76 و77 من الدستور بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية و يعتمد فترات محددة للرئاسة.
وطالب الرئيس البرلمان بالالتزام بكلمة القضاء وأحكامه في الطعون علي الانتخابات التشريعية الأخيرة دون إبطاء. وقال إنه سوف يوالي متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة لتكليفاتها علي نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب وأن يكون آداؤها معبرا عن الشعب وتطلعه للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولإتاحة فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وكلف الرئيس مبارك- في كلمته- جهاز الشرطة بالاضطلاع بدوره في خدمة وحماية المواطنين بنزاهة وشرف وأمانة وبالاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.
وطالب الرئيس مبارك السلطات الرقابية والقضائية بأن تتخذ علي الفور ما يلزم من إجراءات لمواصلة ملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من انفلات أمني ومع من قاموا بأعمال السلب والنهب وإشعال النيران وترويع الآمنين.
وأكد الرئيس أن أحداث الأيام القليلة الماضية تفرض علي الجميع شعبا وقيادة الاختيار ما بين الفوضي والاستقرار وتطرح أمام الجميع ظروفا جديدة وواقعا مصريا مغايرا يتعين أن يتعامل معه الشعب وقواته المسلحة بأقصي قدر من الحكمة والحرص علي مصالح مصر وأبنائها.
وفيما يلي كلمة الرئيس:
الاخوة المواطنون..
أتحدث إليكم في أوقات صعبة.. تمتحن مصر وشعبها.. وتكاد أن تنجرف بها وبهم.. إلي المجهول.
يتعرض الوطن لأحداث عصيبة.. و اختبارات قاسية.. بدأت بشباب ومواطنين شرفاء.. مارسوا حقهم في التظاهر السلمي.. تعبيرا عن همومهم وتطلعاتهم.. سرعان ما استغلهم من سعي لإشاعة الفوضي.. واللجوء إلي العنف والمواجهة.. وللقفز علي الشرعية الدستورية والانقضاض عليها.
تحولت تلك التظاهرات من مظهر راق ومتحضر لممارسة حرية الرأي والتعبير.. إلي مواجهات مؤسفة.. تحركها وتهيمن عليها قوي سياسية.. سعت إلي التصعيد وصب الزيت علي النار.. واستهدفت أمن الوطن واستقراره.. بأعمال إثارة وتحريض.. وسلب ونهب.. وإشعال للحرائق.. وقطع للطرقات.. واعتداء علي مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة.. واقتحام لبعض البعثات الدبولماسية علي أرض مصر.
نعيش معا أياما مؤلمة.. وأكثر ما يوجع قلوبنا.. هو الخوف الذي انتاب الأغلبية الكاسحة من المصريين.. وما ساورهم من انزعاج وقلق وهواجس.. حول ما سيأتي به الغد.. لهم ولذويهم وعائلاتهم.. ومستقبل ومصير بلدهم.
إن أحداث الأيام القليلة الماضية.. تفرض علينا جمعيا.. شعبا وقيادة.. الاختيار ما بين الفوضي والاستقرار.. وتطرح أمامنا ظروفا جديدة.. وواقعا مصريا مغايرا.. يتعين أن يتعامل معه الشعب وقواته المسلحة.. بأقصي قدر من الحكمة والحرص علي مصالح مصر وأبنائها.
الاخوة المواطنون..
لقد بادرت لتشكيل حكومة جديدة بأولويات وتكليفات جديدة.. تتجاوب مع مطالب شبابنا ورسالتهم.. وكلفت نائب رئيس الجمهورية بالحوار مع كافة القوي السياسية.. حول كافة القضايا المثارة للاصلاح السياسي والديمقراطي.. ومايتطلبه من تعديلات دستورية وتشريعية.. من أجل تحقيق هذه المطالب المشروعة.. واستعادة الهدوء والأمن والاستقرار, لكن هناك من القوي السياسية من رفض هذه الدعوة للحوار.. تمسكا بأجنداتهم الخاصة.. ودون مراعاة للظرف الدقيق الراهن لمصر وشعبها.
وبالنظر لهذا الرفض لدعوتي للحوار.. وهي دعوة لاتزال قائمة.. فإنني أتوجه بحديثي اليوم مباشرة لأبناء الشعب.. بفلاحيه وعماله.. ومسلميه وأقباطه.. شيوخه وشبابه.. ولكل مصري ومصرية.. في ريف الوطن ومدنه علي اتساع أرضه ومحافظاته.
إنني لم أكن يوما طالب سلطة أو جاه.. ويعلم الشعب الظروف العصبية التي تحملت فيها المسئولية.. وما قدمته للوطن حربا وسلاما, كما أنني رجل من أبناء قواتنا المسلحة.. وليس من طبعي خيانة الأمانة.. أو التخلي عن الواجب والمسئولية..
ان مسئوليتي الأولي الآن.. هي استعادة أمن واستقرار الوطن.. لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة.. في أجواء تحمي مصر والمصريين.. وتتيح تسلم المسئولية لمن يختاره الشعب.. في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأقول بكل الصدق.. وبصرف النظر عن الظرف الراهن.. انني لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة.. فقد قضيت مايكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها.. لكنني الآن حريص كل الحرص علي أن أختتم عملي من أجل الوطن.. بما يضمن تسليم أمانته ورايته.. ومصر عزيزة آمنة مستقرة.. وبما يحفظ الشرعية ويحترم الدستور.أقول بعبارات واضحة.. انني سأعمل خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية.. كي يتم اتخاذ التدابيروالاجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة.. بموجب ما يخوله لي الدستور من صلاحيات.
إنني أدعو البرلمان بمجلسيه.. الي مناقشة تعديل المادتين(76) و(77) من الدستور.. بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية.. ويعتمد فترات محددة للرئاسة.
ولكي يتمكن البرلمان الحالي بمجلسيه من مناقشة هذه التعديلات الدستورية.. وما يرتبط بها من تعديلات تشريعية للقوانين المكملة للدستور.. وضمانا لمشاركة جميع القوي السياسية في هذه المناقشات.. فإنني أطالب البرلمان بالالتزام بكلمة القضاء وأحكامه.. في الطعون علي الانتخابات التشريعية الأخيرة.. دون إبطاء.
سوف أوالي متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة لتكليفاتها.. علي نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب.. وأن يأتي أداؤها معبرا عن الشعب وتطلعه للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. ولإتاحة فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وفي ذات السياق.. فإنني أكلف جهاز الشرطة بالاضطلاع بدوره في خدمة الشعب.. وحماية المواطنين بنزاهة وشرف وأمانة.. وبالاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.
كما أنني أطالب السلطات الرقابية والقضائية.. بأن تتخذ علي الفور ما يلزم من إجراءات.. لمواصلة ملاحقة الفاسدين.. والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من انفلات أمني.. ومن قاموا بأعمال السلب والنهب وإشعال النيران وترويع الآمنين.ذلك هو عهدي للشعب خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية.. أدعو الله أن يوفقني في الوفاء به.. كي أختتم عطائي لمصر وشعبها بما يرضي الله والوطن وأبناءه..
الاخوة المواطنون..
ستخرج مصر من الظروف الراهنة.. أقوي مما كانت عليه قبلها.. وأكثر ثقة وتماسكا واستقرارا..
سيخرج منها شعبنا.. وهو أكثر وعيا بما يحقق مصالحه.. وأكثر حرصا علي عدم التفريط في مصيره ومستقبله..
إن حسني مبارك الذي يتحدث إليكم اليوم.. يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها. إن هذا الوطن العزيز هو وطني.. مثلما هو وطن كل مصري ومصرية.. فيه عشت.. وحاربت من أجله.. ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه.. وعلي أرضه أموت.. وسيحكم التاريخ علي وعلي غيري.. بما لنا أو علينا.
إن الوطن باق والأشخاص زائلون.. ومصر العريقة هي الخالدة أبدا.. تنتقل رايتها وأمانتها بين سواعد أبنائها.. وعلينا أن نضمن تحقيق ذلك بعزة ورفعة وكرامة.. جيلا بعد جيل..
حفظ الله هذا الوطن وشعبه.. والسلام