لم يكن هناك ((شخص عاقل يتوقع أو حتى يتخيل إعلان الرئيس حسني مبارك ((تنحيه )) عن منصبه كرئيس للبلاد وقبله الرئيس التونسي زين العابدين بن بعد فترات حكم أستمرت عدة أعوام
خصوصاً أن هذا الواقع جاء نتيجة غضب شعبي وتحت ضغط مهول
بهذه الحالة الراهنة والوضع السياسي نكون قد شهدنا تدشين مرحلة فاصلة في التاريخ العربي كتبه الشعبين التونسي والمصري
)) لكننا نشاهد هذه الأوضاع اليوم بحس مليء بالدهشة ومشاعر يغلب عليها الترقب الحذر فالفراغ السياسي في هذا الظرف مقلق صحيح أن الجماهير قد كتبت بخط عريض ملحمة إصرارها وخلقت مرحلة جديدة من عمر التاريخ أبطالها ((الشعب)) وشعارها((التغيير)) ورهانها ((التقنية )) التي أسهمت في تسيير الحشود وتنظيم المسيرات وأطلقتشرارة الإحتجاج
وفي ذات اللحظة نستحضر حقيقة أن مصر عظيمة التأثير حتى أنه قيل لو عطست مصر لأصيب عالمنا العربي قاطبة بالزكام
ونجاح الإرادة المصرية والتونسية دليل على قوة إرادة الشعبين وتجاوزهما للراهن محتمل ومتوقع لأن الوعي السياسي لدى الشعبين كبير ولاشك
هذا النجاح قد يغري شعوب عربية آخرى بأن تستنسخ الممارسة لكن إستنساخ التجربة في بلدان آخرى قد يأتي بكوارث وفجائع لاقدر الله
فالمعطيات تختلف من بلد لآخر
ومعلوم بالضرورة أن الوعي الشعبي والسياسي يختلف بإختلاف الشعوب
ومن الحكمة اليوم التأمل في هذا الواقع والتعاطي معه وغني عن القول أن منع حدوثه أسهل بكثير من إحتواء آثاره
لأن منعه لايتطلب أكثر من صدق التوجه نحو سياسات وإجراءات وتبني حزمة من الإصلاحات
أولها الألتفات نحو الشعوب والتصالح معها
القوى السياسية اليوم في محيطنا العربي يقع على عاتقها مهمة ليست سهلة
وعليها أن تلتفت لممارساتها وطريقة نفوذها
وأن تضع عينها على المصالح الوطنية العليا وإيلاءها ماتستحقه من إهتمام
وأولها الإهتمام بالفرد وجعله رهاناً
والعمل على تنمية وعيه الوطني عبر حزمة من الإجراءات التي تكفل له تعليما راقيا ورعاية صحية وتؤمن له مستقبل مشرق ويأتي موضوع تنمية الوعي السياسي وإنضاجه
والعمل على جعل المصالح الوطنية العليا فوق كل الإعتبارات أولوية قصوى
الخشية تتنامى من واقع كهذا قد تتكرر ممارساته في مواقع آخرى
و تأتي الخشية من أن تـستغل هذه الأوضاع من قبل منتفعين أو حاقدين أو جهلة يسعون لهز إستقرار الدول وأحداث فراغ سياسي عبر إستغلال أوضاع عابرة أو مستجدة
نتائجها تصب في مصلحة عدو متربص رابض على مقربة منا
لذا فالإلتفات لرتق هذه الفراغات التي حدثت أو قد تحدث مستقبلاً
كفيل بأن يسهم في تجاوز الخلافات والسير بمراكب الأوطان نحو مرافيء الأمان
وقي الله أخوتنا وأهلونا في كل بلاد العرب والمسلمين شرور الزمن وصوارف الدهر