الحزن و الابتلاء : من منا لم يمر بهما ؟ من منا لم تبيض عيناة من الدمع ........ " تقرير حالتك " يقول أنك حزين و ثمة فاجعة معلنة و قعت لك ....... يصير معلوماً أن هناك حالة قصوى تستدعى الحزن العام وربما يهدّك الحزن ...... يقطع دابرك أو ينهى سيرتك .
و تجدف فى بحار الحزن كلما أدركك الغرق تجد يداً حانية تدفعك و تطفو بك وتربط على قلبك و تردك إلى معجزة البعث والحياة ...... تعاقب الليل و النهار ...... تجد مشاعرك و قد أهتزت وربت ...... وتعود الأشياء إليك " مبصرة " .
عندما تصل إلى شاطىء الصبر ........ تجد أن اللّه قد منّ عليك , تجد أن ذكرة وتسبيحة و أنت تصارع الموج و تقاوم الغرق و تشق طرقتك وسط الظلام هو طريق النجاة و سبيل العودة ....... حتى تعود لتشعر أنك ولدت من جديد .......
امام ساحل ممتد إلى الأفق من " الصبر الجميل "
كنت وأنا صغير أعجب كثيراً ..... كيف الصبر جميل ؟
وعرفت اخيراً
لأنها القمة التى تكابد حتى الصعود إليها ..... تكبو دونها مرات و مرات , و لكن عندما تصل لا تسقط " بحملك و همك " لتبدأ من جديد .
بل تبقى فى واحة الأمان و ظلال الرحمة .
و لهذا يقول العلماء : " كمال الدنيا و الدين مرتبط بالصبر "
و يقول بشر بن الحارث الحافى أكبر زهاد عصرة و كل العصور : " الصبر الجميل هو الذى لا شكوى فية إلى الناس ".
ولكن ما معنى الصبر : فى اللغة - الحبس و المنع " الاستدامة على الطاعات و الامتناع عن المعاصى وعدم السخط أو التبرم " .
و ما الصبر إلا باللّه ... لا حزن ولا خوف مع الصبر ... ولا ضيق مما يمكرون .... الصبر أولى العزم من الرسل ...
ميراث الإنبياء ...
* "الصبر الجميل " دعوة نبى اللّه يعقوب ... مقولتة الأولى عندما جاءة أبناؤة عشاءً يبكون قالوا : يوسف أكلة الذئب
قال: فصبر جميل – واللّه المستعان على ما تصفون –
من منقذ الأب الجليل من فاجعة النبأ و قول السوء و قسوة الأبناء ؟
الموت هول .... ومصاب أليم .... وإحساس الفقد مرير ...
دخل نبى اللّه يعقوب الامتحان العسير زادة الألم و الدموع الصبر الجميل .
يقول اللّة تعالى : {و اللّه يحب الصابرين }
أى ان معيتة وحبة و تبشيرة للصابرين و بغير حساب .
و لكن ما طبيعة الصبر ؟
يحتاج الصبر للصمت و تحمل " الضربات القاصمة " حتى تتحول إلى قوة دافعة و طاقة تحمل وقدرة على الصمود ... لا أنين و لا صراخ ... لكى نهىء للعقل مهمة عملة فى التحليل و التدبير و التأمل و الاستنتاج والقياس كما حدث ليوسف علية السلام وهو صبى فى قاع البئر ظل يتعلق ببصيص الرجاء حتى أمسك بطرف الدلو ... وفى بيت العزيز و هو فى عنفوان الشباب أعتصم باللّه و تمسك بالعفة و الاستقامة حتى هوى فى قاع السجن ! ! برغم ثبوت براءتة و تجلى الحقيقة وقيام الأدلة ظل مخذولاً منسياً بين مجرمين ومع ذلك حول السجن إلى خلوة عبادة ... إلى مكان عمل ... مركز إشعاع لرسالة مقدسة وظل يغزل حبال الصبر و يكتسب المزيد من لياقتة الروحية و يرتفع فوق المحنة ليوقظ أرواح السجناء وعقولهم مثل المسيح علية السلام أيقن أنة بعث و سط خطائين .
و مثال آخر عن الصبر: إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام عندما أمر إبراهيم بذبح إبنة فما كان قول إسماعيل ؟ ؟ ؟
قال:" يا أبتى إفعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء اللّه من الصابرين ".
ولنا فى رسولنا أسوة حسنة عندما تعرض للكثير من الأذى فتوجة بالدعاء : " اللهم أنى أشكو لك ضعف قوتى و قلة حيلتى و هوانى على الناس , يا أرحم الراحمين , أنت رب المستضعفين و أنت ربى , إلى من تكلنى إلى بعيد يتجهمنى أم عدو ملكتة أمرى , إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى , و لكن عافيتك أوسع لى " .
و هنا نجد قول اللّه تعالى يحث نبية على الصبر : { فأصبر إن العاقبة للمتقين }
{ فأصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل } .
أكثر وصية و صى بها اللّه نبية أن يقلد الأنبياء من قبلة هى الصبر
كما وصى بها المؤمنين : { يا أيها الذين أمنوا اصبروا و صابروا ورابطوا و اتقوا اللّه لعلكم تفلحون }.
هكذا أينعت شجرة النبوة وهو ميراث الأنبياء للمؤمنين .
يقول الرسول صلى اللّه علية وسلم : " عجباً لأمر المؤمن إن امرة كلة له خيروليس هذا لأحد غير المؤمن , إن أصابتة ضراء صبر فكان خير لة وإن أصابتة سراء شكر فكان خير لة " .
وفى حديث آخر : " الصبر ضياء "
و ماينطق عن الهوى فإختيارة هذا التعبير لة حكمة ... فإن الأزمات لظلمات فمن أين يؤتى بالضياء ؟ فعليك بالصبر .
إذاً يجب علينا ألا نصل قط إلى الحافة الخطرة " اليأس " لأنة منزلق يؤدى إلى التردى .... و الخسران المبين ..
(ومن يقنط من رحمة اللّه إلا الضالون )
عن الإمام احمد عن أم سلمة قالت : أتانى أبو سلمة يوماً من عند رسول اللّة صلى اللّه علية وسلم فقال: سمعت من رسول اللّة قولاً سررت بة , قال : " لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبتة ثم يقول : اللهم أجرنى فى مصيبتى و أخلف لى خيراً منها , إلا فعل ذلك بة " .
كل منا يصاب يوما بهذا النوع من العمى المؤقت و لكن بالعمل و المثابرة و الجهاد تتجلى الحقيقة و ترتد إلينا نعمة البصر و لا نكون على البصيرة معزولين .
* * * * * * * * * * * * *
رب أفرغ علينا صبراً و توفنا مسلمين و إلحقنا بالصالحين